رمضان ارتبط بالأذهان بالصيام ؛ والصيام لغة الصمت والإمساك، واصطلاحا إمساك المسلم البالغ العاقل عن كل ما يفسده نهارا غير عيد وأيام التشريق بالنية (العمدة لابن العيد)
وصيام رمضان ركن من أركان الإسلام فرض على أمة محمد كما فرض على الأمم السابقة (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم). وجاء في السنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إن فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر”.. وورد في إنجيل متى (ومتى صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين فانهم يغيرون وجوههم لكي يظهروا للناس صائمين) .. وكان اليهود قديما يصومون في أيام الحداد وأوقات المخاطر ولطلب المغفرة وإبداء الندم (ولا يزال يوم الغفران يعتبر يوم صوم في التقويم العبري) !
@ وحتى في غير الأديان السماوية عرفت فوائد الصوم الصحية والنفسية والاجتماعية حيث كان المصريون القدماء يعتقدون أن عماد الصحة صيام ثلاثة أيام في الشهر - وقد أشاد بذلك المؤرخ “هيرودوس”!
@وفي اليونان القديمة كان يعتقد أن يوم صوم افضل من تعاطي العلاج. وكان رجال أفذاذ مثل سقراط وأفلاطون وفيثاغورس يعمدون للصيام للوصول لذروة الإتقان الذهني والتخلص من طغيان الجسد !
@ وفي اليابان كانت الوسيلة الوحيدة لإذلال الطغاة هي الصوم أمام أبوابهم .. حتى الموت..
@ ومن الهند أخذت عادة الإضراب عن الطعام بين السجناء لإجبار سجانيهم على تحسين أوضاعهم والاستجابة لمطالبهم !
@ وعرف المنغوليون محاسن الصوم فكانوا يتركون الطعام كل عاشر يوم وكان السوريون القدماء والزرادشتيون يتركون الطعام كل خامس يوم.
@ وفي عصور أقرب من ذلك وصف الأطباء العرب الصوم لعلاج السيفلس والجدري . وتوسع في ذلك ابن سينا ووصف الصوم لعلاج جميع الأمراض المزمنة!؟.
@ وفي زمن احتلال نابليون لمصر تم تطبيق الصوم في المستشفيات لاتقاء العدوى وعلاج الأمراض التناسلية.
@ وفي عصر النهضة غدت الموائد العامرة إحدى سمات الوجاهة في إيطاليا الأمر الذي دعا الحكيم لودفيك كارنارو للحث على الصيام -وكتب في ذلك “يا لإيطاليا البائسة، الا ترين أن شهوة الطعام تقودك للموت اكثر من أي وباء أو حرب مدمرة”.
@ وفي هذه الأيام تنتشر في اوروبا وامريكا مراكز متخصصة لاستعادة الصحة والرشاقة ومقاومة الهرم تعتمد على الصوم كبند أساسي فيها.
@ وأخيراً ؛ هناك الصوم بغرض التطبيب وهو أسلوب علاجي معترف به في الغرب. وقد ألفت في ذلك كتب عديدة أهمها “الصوم الطبي” للدكتور الأمريكي آلان كوت و”التطبيب بالصوم” للروسي الكس سوفورين.
وإن كان القاصي والداني قد أدركا فوائد الصوم ومحاسنه فما أحرانا أن نتخذه وسيلة لتهذيب النفس وتحسين الصحة - ناهيك عن كونه فريضة ووسيلة للتواصل بين العبد وربه … قال الله تعالى في الحديث القدسي” كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به”
عن مدونة محمد